admin
نشر منذ سنتين
6
ملوك الثاني 4: 1- 38، الارملة والمرأة الشونمية

ملوك الثاني 4: 1- 38، الارملة والمرأة الشونمية


أحد رجال الله الذي فُرِدَت له مساحة واسعة في كلمة الله هو أليشع. كان أليشع يتبع إليا، والذي تبعه في النبوة ( أنظر ملوك الثاني 2). لقد سار بقوة مع الرب ومن العديد من المعجزات التي صنعها الله على يديه، سوف ندرس هنا اثنتين فقط منها. وفي كلتا الحالتين سيكون تركيزنا على قدرة الله على إنقاذ الذين يطلبونه من أي مشكلة قد يواجهونها.

ملوك الثاني 4: 1- 7: الأرملة وولديها.

أولى الحالتين التي سيتم اختبارها في هذه الدراسة هي المتعلقة بالارملة وولديها. ملوك الثاني 4: 1 تقول لنا عن هذه المرأة ومشكلة كبيرة كانت تواجهها بعد موت زوجها.
ملوك الثاني 4: 1
” وَصَرَخَتْ إِلَى أَلِيشَعَ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ بَنِي الأَنْبِيَاءِ قَائِلَةً: “إِنَّ عَبْدَكَ زَوْجِي قَدْ مَاتَ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ عَبْدَكَ كَانَ يَخَافُ الرَّبَّ. فَأَتَى الْمُرَابِي لِيَأْخُذَ وَلَدَيَّ لَهُ عَبْدَيْنِ”.”

ووفقاً للفقرة، فهذه المرأة كانت زوجة رجل يخاف ويوقر الرب بعمق. ولكن للأسف، مات زوجها تاركاً لأسرته ديناً لا يقدرون على سداده. ونتيجة لذلك، جاء صاحب الدين ليأخذ ولديها ليكونا عبديه. ومن هذا نستطيع أن نفهم بسهولة خطورة الموقف: فالمرأة كانت على وشك أن تخسر ولديها بسبب دين لم يتم تسديده. ولمواجهة هذه المشكلة صرخت لاليشع، رجل الله. وبالطبع لم يكن اختيارها في الهروع إلى رجل الله في هذا الظرف الصعب من قبيل الصدفة. وحقيقة، فعندما يكون الوقت محدوداً جداً (“صاحب الدين كان آتياً” أي في طريقه) لا تذهب إلَّا لهؤلاء الذين تعرف أنهم يقدرون على مساعدتك. و من الواضح أن الرجل الذي آمنت المرأة بقدرته على مساعدتها هو أليشع، رجل الله1. ومن الجلي، أنها قد قررت أن تحارب هذه الشدة وأن تحاربها مع الله. وقد رأينا ما قالته الارملة لاليشع، فدعونا الآن نرى بماذا أجابها أليشع:
ملوك الثاني 4: 2
” فَقَالَ لَهَا أَلِيشَعُ: “مَاذَا أَصْنَعُ لَكِ؟ أَخْبِرِينِي مَاذَا لَكِ فِي الْبَيْتِ؟”.”

وأنظر تواجد أليشع. فقد كان أليشع هناك مستعداً لمساعدة الأرملة. لم يدينها على الدَّيْن. وفي رأيي الشخصي، لابد وأن كان هناك وقتاً طويلاً قبل أن تصل الارملة وزوجها إلى مرحلة الإفلاس. فبالتأكيد أنت لا تصل إلى هذه المرحلة في عشية وضحاها بدون التعامل مع بعض الأمور في ذلك الوقت بشكل خاطيء. ولكن، النقطة هنا ليس ما قد حدث. فما حدث قد حدث. فما يهمنا الآن ليس الماضي، وإنما الحاضر في ذلك الوقت هو أنها كانت تحتاج إلى مساعدة عاجلة، ولكي تجدها بحثت عن الرب. أيضاً لاحظ أن أليشع لم يحاول أن يتخلص منها لأن المشكلة كانت “صعبة للغاية”. فبالطبع لم يكن لديه حل لمشكلتها، قبل أن يمدهما الله بالحل المعجزي والذي سنقرأه بعد دقيقة. ومع ذلك، فهذا لا يعني انه لم يكن متواجداً لمساعدتها. وعلى النقيض، فرده يظهر أنه كان مستعداً أن يقوم بالمساعدة بأي طريقة يستطيع. الآية الثانية تعطينا جواب المرأة على سؤال أليشع:
ملوك الثاني 4: 2
” فَقَالَتْ: “لَيْسَ لِجَارِيَتِكَ شَيْءٌ فِي الْبَيْتِ إِلاَّ دُهْنَةَ زَيْتٍ”.”

فهذه الأرملة كانت فقيرة جداً. فلم يكن في منزلها إلا إناء زيت. ومن الواضح أنه في محاولة للتخلص من الدَّيْن، قامت ببيع كل شيء. فلم يكن هناك منضدة، أسرَّة ولا حتى أواني للطبخ. فالشيء الوحيد الذي بقي هو إناء الزيت. ومع ذلك، فإناء الزيت هذا كان كافياً لله ليخلصها. الآيتين 3 – 4 تقول لنا:
ملوك الثاني 4: 3- 4
” فَقَالَ [اليشع]: “اذْهَبِي اسْتَعِيرِي لِنَفْسِكِ أَوْعِيَةً مِنْ خَارِجٍ، مِنْ عِنْدِ جَمِيعِ جِيرَانِكِ، أَوْعِيَةً فَارِغَةً. لاَ تُقَلِّلِي. ثُمَّ ادْخُلِي وَأَغْلِقِي الْبَابَ عَلَى نَفْسِكِ وَعَلَى بَنِيكِ، وَصُبِّي فِي جَمِيعِ هذِهِ الأَوْعِيَةِ، وَمَا امْتَلأَ انْقُلِيهِ”.”

فمن خلال أليشع، قال الله للمرأة أن تقم باستعارة أوعية فارغة وتقوم بصب الزيت الذي عندها في هذه الأوعية. فإذا لم نأخذ الله في الاعتبار، فهذه الخطوات تبدو مجنونة. حيث أنه، وفقاً للقوانين العلمية، لا يستطيع إناء الزيت أن يملأ سوى إناء زيت آخر بنفس الحجم. وبالتالي، فعلمياً، ما قاله أليشع للارملة أنه سيحدث كان مستحيلاً. ومع ذلك فإني أكرر، أنه كان ليصير مستحيلاً إذا لم نأخذ الله في الاعتبار. لأنه إذا أخذنا الله في الاعتبار، فستتغير الاشياء تماماً. والسبب هو ان الله غير مُقَيَّد بالقوانين العلمية. وحقيقة، أنه عندما يتعلق الأمر بالله فما يهم ليس كون الشيء ممكناً علمياً أو لا، ولكن ما إذا كانت هي إرادة الله أم لا. فعندما يريد شيئاً، سيحدث مهما قال العلماء. بالتأكيد، فمما قرأناه حتى الآن، نستطيع أن نستنتج أن الله رغب في خلاص هذه المرأة من مشكلتها إذ أنه يرغب دائماً في أن يعيش أولاده منتصرين. إذن فمن جهة الكتاب المقدس، ما قاله أليشع تَوَافَق مع إرادة الله فيما يخص الموقف، وبالتأكيد سيحدث 100 % إذا اتبعت الأرملة ما قاله الله لها أي إذا: أ) قامت باستعارة الأوعية الفارغة ، ب) أغلقت الباب على نفسها وعلى بنيها، ج) صبت الزيت من الإناء إلى الأوعية الفارغة. أنا لا أستطيع أن أصدق أن الأرملة رأت في حياتها من قبل إناء زيت يملأ العديد من الأواني الفارغة. ومع ذلك، فلكي يقوم الله بتنفيذ إرادته، كان عليها أن تؤمن بأنها سترى هذا للمرة الأولى. فمع الله لا يهم إذا كان الشيء قد حدث لآخرين أم لا. فما يهم هو ما إذا كنا سنؤمن ونعمل على حسب قوله أم لا. لنرى إذاً ما إذا كانت المرأة ستصدق الله أم لا:
ملوك الثاني 4: 5
” فَذَهَبَتْ مِنْ عِنْدِهِ وَأَغْلَقَتِ الْبَابَ عَلَى نَفْسِهَا وَعَلَى بَنِيهَا. فَكَانُوا هُمْ يُقَدِّمُونَ لَهَا الأَوْعِيَةَ وَهِيَ تَصُبُّ.”

لقد صدَّقَت المرأة قول الله وتبعته . إذاً فبمجرد ذهابها من عند أليشع، استعارت أوعية فارغة، ” وأغلقت الباب” على نفسها وعلى ولديها، وبدأت تصب الزيت من إناءها إلى الأوعية، تماماً كما قال لها الله. ونتيجة هذا مذكورة في الآية 6:
ملوك الثاني 4: 6
” وَلَمَّا امْتَلأَتِ الأَوْعِيَةُ قَالَتْ لابْنِهَا: “قَدِّمْ لِي أَيْضًا وِعَاءً”. فَقَالَ لَهَا: “لاَ يُوجَدُ بَعْدُ وِعَاءٌ”. فَوَقَفَ الزَّيْتُ.”

جميع الأوعية التي كانت قد استعارتها امتلأت بالزيت. “ووقف” الزيت فقط عندما لم يكن هناك وعاء آخر فارغ. ومع ذلك، فالاوعية المملوءة كانت كافية لتعبر بها هي وولديها من الإفلاس إلى الغنى. وحقيقة، تقول لنا الآية 7 :
ملوك الثاني 4: 7
” فَأَتَتْ وَأَخْبَرَتْ رَجُلَ اللهِ فَقَالَ: “اذْهَبِي بِيعِي الزَّيْتَ وَأَوْفِي دَيْنَكِ، وَعِيشِي أَنْتِ وَبَنُوكِ بِمَا بَقِيَ”.”

كان الزيت كثيراً جداً حتى استطاعت هي وولديها أن تدفع الدَّيْن وأن يعيشوا بالباقي. فالأرملة لم يتم إنقاذها فقط من مشكلتها ولكن أكثر من ذلك: اصبح لديها ثروة من الزيت. وكل هذا لأنها بحثت عن إنقاذ الله. لقد ذهبت إلى الله ورجله فقيرة ومظلومة، ورجعت غنية ومُخَلَّصة. فالمجد لله المستعد دائماً ان يخلص.

ملوك الثاني 4: 8- 30: المرأة الشونمية

قصة الارملة السابقة ليست الوحيدة في الكتاب المقدس التي نرى فيها قوة إنقاذ الله في التجلي. كما قلنا، فإلهنا هو إله الخلاص ونتيجة لذلك فالكتاب المقدس مليء بالحالات التي تتحدث عن الناس الذين وثقوا به وخلصوا. يمكن أن نجد واحدة من هذه الحالات في نفس الإصحاح من ملوك الثاني ويتبع قصة الأرملة وولديها. لنبدأ إذاً من الآية الثامنة حيث نقرأ:
ملوك الثانية 4: 8
” وَفِي ذَاتِ يَوْمٍ عَبَرَ أَلِيشَعُ إِلَى شُونَمَ. وَكَانَتْ هُنَاكَ امْرَأَةٌ عَظِيمَةٌ، فَأَمْسَكَتْهُ لِيَأْكُلَ خُبْزًا. وَكَانَ كُلَّمَا عَبَرَ يَمِيلُ إِلَى هُنَاكَ لِيَأْكُلَ خُبْزًا.”

ولمرة أخرى، تكون إمرأة هي شخصية من الشخصيات الرئيسية للقصة. ومع ذلك، فعلى النقيض للحالة السابقة حيث كانت المرأة فقيرة جداً، فهذه المرأة كانت عظيمة، أي إنسانة لها وضعها وغالباً لم يكن لديها اي مشاكل اقتصادية. والآن، ففي يوم من الأيام كان اليشع في المنطقة، واقنعته هذه المرأة العظيمة أن يأكل في بيتها، واخيراً فكلما عبر يميل إلى هناك ويأكل. ونستطيع من ذلك أن نفهم أحترام هذه المرأة ورعايتها لأليشع. إذ إنك لا تقوم بدعوة أحد ليأكل في بيتك كلما مر إلا إذا كنت تحترمه وتهتم لأمره. ولكن لماذا حقاً اهتمت هذه المرأة كثيراً بأليشع؟ وباقي الآية 8 تجيبنا على هذا.
ملوك الثاني 4: 9
” فَقَالَتْ لِرَجُلِهَا: “قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ رَجُلَ اللهِ، مُقَدَّسٌ الَّذِي يَمُرُّ عَلَيْنَا دَائِمًا….”

فكان أليشع في نظر هذه المرأة “رجل الله مقدس”. ولهذا السبب كانت كريمة جداً معه. فاحترامها لأليشع ورعايتها له كان انعكاساً لاحترامها ورعايتها لإله أليشع. ومع ذلك، فرعاية المرأة لم تنتهي عند الطعام. وفي الحقيقة، تقول لنا الآيتان 9 و 10 أن الأمر زاد عن ذلك:
ملوك الثاني 4: 9- 10
” فَقَالَتْ لِرَجُلِهَا: “قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ رَجُلَ اللهِ، مُقَدَّسٌ الَّذِي يَمُرُّ عَلَيْنَا دَائِمًا. فَلْنَعْمَلْ عُلِّيَّةً عَلَى الْحَائِطِ صَغِيرَةً وَنَضَعْ لَهُ هُنَاكَ سَرِيرًا وَخِوَانًا وَكُرْسِيًّا وَمَنَارَةً، حَتَّى إِذَا جَاءَ إِلَيْنَا يَمِيلُ إِلَيْهَ”.”

كم كانت هذه المرأة كثيرة التفكير حقاً من أجل أليشع. لم تقدم له الطعام فحسب، وإنما أرادت أيضاً ان تبني له حجرة حتى يبقى فيها كلما مر من هناك. ولسنا في حاجة لأن نقول ان الله لم يستطع ترك رعاية واهتمام المرأة بدون مكافأة. تقول لنا الآيات 11- 13:
ملوك الثاني 4: 11- 13
” وَفِي ذَاتِ يَوْمٍ جَاءَ إِلَى هُنَاكَ وَمَالَ إِلَى الْعُلِّيَّةِ وَاضْطَجَعَ فِيهَا. فَقَالَ لِجِيحْزِي غُلاَمِهِ: “ادْعُ هذِهِ الشُّونَمِيَّةَ”. فَدَعَاهَا، فَوَقَفَتْ أَمَامَهُ. فَقَالَ لَهُ: “قُلْ لَهَا: هُوَذَا قَدِ انْزَعَجْتِ بِسَبَبِنَا كُلَّ هذَا الانْزِعَاجِ، فَمَاذَا يُصْنَعُ لَكِ؟ هَلْ لَكِ مَا يُتَكَلَّمُ بِهِ إِلَى الْمَلِكِ أَوْ إِلَى رَئِيسِ الْجَيْشِ؟” فَقَالَتْ: “إِنَّمَا أَنَا سَاكِنَةٌ فِي وَسْطِ شَعْبِي”.”

اعترف أليشع باهتمام المرأة به وكان شاكراً جداً. فرداً لجودها، اقترح عليها في البداية أن يتكلم بالنيابة عنها للملك أو إلى قائد الجيش. ومع ذلك، فلم يكن هذا ما رغبت فيه الشونمية حيث كانت مكتفية بالعيش وسط شعبها. ولكن ما رغبت فيه كثيراً معطى في الآية التالية:
ملوك الثاني 4: 14- 17
” ثُمَّ قَالَ: “فَمَاذَا يُصْنَعُ لَهَا؟” فَقَالَ جِيحْزِي: “إِنَّهُ لَيْسَ لَهَا ابْنٌ، وَرَجُلُهَا قَدْ شَاخَ”. فَقَالَ: “ادْعُهَ”. فَدَعَاهَا، فَوَقَفَتْ فِي الْبَابِ. فَقَالَ: “فِي هذَا الْمِيعَادِ نَحْوَ زَمَانِ الْحَيَاةِ تَحْتَضِنِينَ ابْنً”. ”

فهذه المرأة لم يكن لديها ابناء، ولكي نتحدث بشكل علمي، لم تكن لديها الاحتمالات لذلك، لأن زوجها قد شاخ. ومع ذلك، فهذا لم يعني أنها لا تستطيع ان يكون لديها طفل. لأنه يوجد شخص واحد يستطيع أن يحقق الرغبات حتى إن لم يعطى العلم أي احتمالات لتحقيقها. من هو؟ الجواب هو الله. وكما قلنا أثناء دراستنا لمثال الأرملة، الله لا يعرف المستحيل، وعندما يريد شيئاً، فسيحدث، بغض النظر عما تقوله الاحتمالات. من وجهة نظر العلم، فتلك المرأة لم تكن لديها الاحتمالات لتنجب طفلاً. على كل حال، فسوف تنجب طفلاً، لأن الله اراد ان يكون لديها طفل.
وبعيداً عن ذلك، فهناك نقطة أخرى جديرة بالذكر وهي أن أليشع لم يعرف من البداية رغبة المرأة التي سيتم تحقيقها. وإلا فلم يكن قد اقترح عليها من البداية أن يتكلم بالنيابة عنها للملك أو لقائد الحرس، ولا طلب من جحزي أن يخبره ماذا يصنع من أجلها. ومع ذلك، فلا شيء غريب في هذا. فبالنسبة لاليشع ، كاي رجل آخر لديه الروح القدس2، يستطيع أن يحصل على المعلومات فقط إما من خلال حواسه الخمس أو من خلال إعلان الله له. ومن الواضح في حالتنا هذه أن الله لم يكشف له منذ البداية أن المرأة كانت ترغب بشدة في إنجاب طفل. عوضاً عن ذلك، فقالت له هذا بواسطة جحزي حيث اعتقد أنها الطريقة الأفضل لجعل المعلومات متاحة. ثم، وبعد أن عرف أليشع من جحزي أن المرأة لم يكن لديها طفل، أعلن له الله مباشرة قائلاً له أنه في خلال عام من ذلك الوقت، سيكون للمرأة طفل، ولهذا السبب أعلن لها أليشع هذا الخبر. ورد فعل المرأة تجاه هذا الوعد العظيم معطى في الآية 16
الملوك الثاني 4: 16
” فَقَالَتْ: “لاَ يَا سَيِّدِي رَجُلَ اللهِ. لاَ تَكْذِبْ عَلَى جَارِيَتِكَ”.”

اعتقدت المرأة أن أليشع كان يكذب عليها، فلم تستطع تصديق أن رغبتها الكبرى ستتحقق أخيراً. فهذا ليس شيئاً غير عادي: في بعض الأحيان نصبح بطيئين في تصديق الأشياء الرائعة التي تقول كلمة الله بانها ستكون لنا او وعود الله لنا. فنعتقد انها جيدة جداً بحيث لا يمكن ان تكون صحيحة. ومع ذلك، فعلينا أن نفهم أنه من عند الله، تاتي فقط العطاية الجيدة والحسنة (رسالة يعقوب 1: 17). عندما نتحدث عن الله، فلا يوجد شيء مثل ” جيد جداً بحيث لايصدق”، لأنه من الله فقط تأتي الاشياء الجيدة والصحيحة. كما تقول لنا افسس 3: 20 أن الله ” قَادِرُ أَنْ يَفْعَلَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ، أَكْثَرَ جِدًّا مِمَّا نَطْلُبُ أَوْ نَفْتَكِرُ، بِحَسَبِ الْقُوَّةِ الَّتِي تَعْمَلُ فِينَا،”. فهو ليست لديه مشكلة في أن يقوم بعمل ما يريد. عودة للمراة، في رأيي، فالوعد بطفل كان لها بمثابة شيء يفوق كثيراً كل طلب وفكر. ولهذا اعتقدت أن أليشع كان يكذب عليها. ومع ذلك، فبعيداً عن كون هذا الوعد رائعاً، فقد كان صحيحاً أيضاً. الآية 17 تسجل هذا التحقق:
ملوك الثاني 4: 17
” فَحَبِلَتِ الْمَرْأَةُ وَوَلَدَتِ ابْنًا فِي ذلِكَ الْمِيعَادِ نَحْوَ زَمَانِ الْحَيَاةِ، كَمَا قَالَ لَهَا أَلِيشَعُ.”

فبعد عام ولدت المرأة ابناً تماماً كما وعدها الله. وبالرغم من أن القصة كان من الممكن أن تنتهي جيداً جداً هنا، ولكن لم تكن تلك هي النهاية. وهذا لان الآيات التالية تقول لنا عن مشكلة كبيرة ظهرت في صحة الطفل عندما كبر:
ملوك الثاني 4: 18- 20
” وَكَبِرَ الْوَلَدُ. وَفِي ذَاتِ يَوْمٍ خَرَجَ إِلَى أَبِيهِ إِلَى الْحَصَّادِينَ، وَقَالَ لأَبِيهِ: “رَأْسِي، رَأْسِي”. فَقَالَ لِلْغُلاَمِ: “احْمِلْهُ إِلَى أُمِّهِ”. فَحَمَلَهُ وَأَتَى بِهِ إِلَى أُمِّهِ، فَجَلَسَ عَلَى رُكْبَتَيْهَا إِلَى الظُّهْرِ وَمَاتَ.”

لقد اصيب الطفل بهذا المرض الخطير حتى أنه مات سريعاً جداً. وكما نستطيع أن نرى أنه بالرغم من أن الطفل كان هدية من الله لدرجة أنها كانت- حسب يعقوب 1: 17- صالحة وتامة، ولكن الشرير نجح في ضربها. و مرة أخرى، لم يكن هذا غريباً. فحقاً لم تقل كلمة الله في اي موضع أن ابناء المؤمنين (أو الآباء أو الأخوة أو الزوجات أو المؤمنين ذات نفسهم) لن يمرضوا ابداً. فهناك عدو وهو الشيطان ووظيفته هي تسبيب المرض. ولهذا دعا الكتاب المقدس الذين تم شفائهم عن طريق الرب يسوع المسيح أنهم “الْمُتَسَلِّطِ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ” (اعمال الرسل 10: 38): فقد دعاهم كذلك لأن الشيطان تسلط عليهم بالمرض. ومن ثم، فالموت والمرض ليسوا اشياءاً تأتي من عند الله. على النقيض فهما شيئان مصدرهما هو عكس قوة الله الروحية، والتي تجلب المرض، فالله الذي هو اعظم بكثير من الشيطان (يوحنا الأولى 4: 4) ، يستطيع أن يشفينا من اي مرض. كما يقول المزمور 103: 3:
مزمور 103: 3
” الَّذِي يَشْفِي كُلَّ أَمْرَاضِكِ”

الله لا يشفي نصف امراضنا فقط وإنما جميعها، بخلاف رأي العلماء حول بعضها القابل للشفاء. عودة الآن للمرأة، ايستطيع الرب أن يذهب إلى ابعد ما يكون ويُرجع الحقيقة التي يستحيل إرجاعها وهي موت الطفل؟ سنرى الجواب في دقيقة، بعدما نرى رد فعل المراة تجاه هذه الحقيقة.
ملوك الثانية 4: 21- 24
” فَصَعِدَتْ وَأَضْجَعَتْهُ عَلَى سَرِيرِ رَجُلِ اللهِ، وَأَغْلَقَتْ عَلَيْهِ وَخَرَجَتْ. وَنَادَتْ رَجُلَهَا وَقَالَتْ: “أَرْسِلْ لِي وَاحِدًا مِنَ الْغِلْمَانِ وَإِحْدَى الأُتُنِ فَأَجْرِيَ إِلَى رَجُلِ اللهِ وَأَرْجعَ”. فَقَالَ: “لِمَاذَا تَذْهَبِينَ إِلَيْهِ الْيَوْمَ؟ لاَ رَأْسُ شَهْرٍ وَلاَ سَبْتٌ”. فَقَالَتْ: “سَلاَمٌ”. وَشَدَّتْ عَلَى الأَتَانِ، وَقَالَتْ لِغُلاَمِهَا: “سُقْ وَسِرْ وَلاَ تَتَعَوَّقْ لأَجْلِي فِي الرُّكُوبِ إِنْ لَمْ أَقُلْ لَكَ”.”

فمن رد فعل المرأة، واضح أنها لم تعتبر ان موت ولدها كان حقيقة لا يمكن إرجاعها. وحقاً، فبدلاً من أن تقوم برثاء ابنها وتخبر زوجها بموته، وضعت الطفل على سرير رجل الله وطلبت من زوجها ان يعطيها حماراً وغلاماً حتى تتمكن من الذهاب إليه. ومن الواضح ان هذه المرأة قد اعتبرت أن طفلها كان هدية أعطاها الله إياه وان موته لم يكن إرادة الله. ومن ثم فلم تقبل أن يكون موت ابنها حقيقة لا يمكن تغييرها. ولهذا السبب اندفعت إلى أليشع، ولم تحكي لأي أحد عما حدث. الآيات 25- 28 تقول لنا ما حدث عندما قابلت أليشع.
ملوك الثانية 4: 25- 28
” وَانْطَلَقَتْ حَتَّى جَاءَتْ إِلَى رَجُلِ اللهِ إِلَى جَبَلِ الْكَرْمَلِ. فَلَمَّا رَآهَا رَجُلُ اللهِ مِنْ بَعِيدٍ قَالَ لِجِيحْزِي غُلاَمِهِ: “هُوَذَا تِلْكَ الشُّونَمِيَّةُ. اُرْكُضِ الآنَ لِلِقَائِهَا وَقُلْ لَهَا: أَسَلاَمٌ لَكِ؟ أَسَلاَمٌ لِزَوْجِكِ؟ أَسَلاَمٌ لِلْوَلَدِ؟” فَقَالَتْ: “سَلاَمٌ”. فَلَمَّا جَاءَتْ إِلَى رَجُلِ اللهِ إِلَى الْجَبَلِ أَمْسَكَتْ رِجْلَيْهِ. فَتَقَدَّمَ جِيحْزِي لِيَدْفَعَهَا، فَقَالَ رَجُلُ اللهِ: “دَعْهَا لأَنَّ نَفْسَهَا مُرَّةٌ فِيهَا وَالرَّبُّ كَتَمَ الأَمْرَ عَنِّي وَلَمْ يُخْبِرْنِي”. فَقَالَتْ: “هَلْ طَلَبْتُ ابْنًا مِنْ سَيِّدِي؟ أَلَمْ أَقُلْ لاَ تَخْدَعْنِي؟””

ومرة أخرى نستطيع ان نرى انه بدون أن يقوم الله بإخباره، فأليشع ، مثل اي إنسان، من المستحيل أن يعرف مقدماً ما كان يجري للمرأة. كان من الواضح ان المراة في شدة الحزن. ومع ذلك، بالرغم من حزنها العميق، كان لديها الشجاعة لتترك ابنها الميت بالمنزل وتذهب لزيارة رجل الله. وكان رد فعل أليشع فوري:
ملوك الثاني 4: 29- 31
” فَقَالَ [أليشع] لِجِيحْزِي: “أُشْدُدْ حَقَوَيْكَ وَخُذْ عُكَّازِي بِيَدِكَ وَانْطَلِقْ، وَإِذَا صَادَفْتَ أَحَدًا فَلاَ تُبَارِكْهُ، وَإِنْ بَارَكَكَ أَحَدٌ فَلاَ تُجِبْهُ. وَضَعْ عُكَّازِي عَلَى وَجْهِ الصَّبِيِّ”. فَقَالَتْ أُمُّ الصَّبِيِّ: “حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، وَحَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ، إِنِّي لاَ أَتْرُكُكَ”. فَقَامَ وَتَبِعَهَا. وَجَازَ جِيحْزِي قُدَّامَهُمَا وَوَضَعَ الْعُكَّازَ عَلَى وَجْهِ الصَّبِيِّ، فَلَمْ يَكُنْ صَوْتٌ وَلاَ مُصْغٍ. فَرَجَعَ لِلِقَائِهِ وَأَخْبَرَهُ قَائِلاً: “لَمْ يَنْتَبِهِ الصَّبِيُّ”.”

رجح جحزي أولاً إلى المنزل. ولكن بالرغم من انه فعل ما قاله له أليشع، فالطفل لم يستيقظ. وبعد لحظة، رجع أليشع وأم الطفل كذلك:
ملوك الثانية 4: 32- 33
” وَدَخَلَ أَلِيشَعُ الْبَيْتَ وَإِذَا بِالصَّبِيِّ مَيْتٌ وَمُضْطَجعٌ عَلَى سَرِيرِهِ. فَدَخَلَ وَأَغْلَقَ الْبَابَ عَلَى نَفْسَيْهِمَا كِلَيْهِمَا، وَصَلَّى إِلَى الرَّبِّ.”

صلَّى اليشع إلى الرب. فكان هذا رد فعله تجاه الموقف. فقد كان بالطبع في موقف صعب: فالطفل الذي وعد به الله المرأة من خلاله كان ميتاً، وبدون اي علامة للشفاء حتى بعدما فعل جحزي ما قاله له أليشع. وبالرغم من ذلك، فنحن لا نرى في اي لحظة أن أليشع قد فقد ثقته في الله، أو شعر بالإحباط والاستسلام. ولكن عوضاً عن ذلك، فقد واجه الموقف كما ينبغي: فقد صلى إلى الرب. إنه الرب الذي هو مصدر كل الأجوبة، واحتاج أليشع أن يحصل على جواباً حول ما يفعله في هذا الموقف. لذلك صلى للوحيد الذي يعرف الجواب: للرب3. ونتيجة لذلك، فاستجاب الله لصلاته. الآيات 34- 35 تقول لنا:
ملوك الثانية 4: 34- 35
” ثُمَّ صَعِدَ وَاضْطَجَعَ فَوْقَ الصَّبِيِّ وَوَضَعَ فَمَهُ عَلَى فَمِهِ، وَعَيْنَيْهِ عَلَى عَيْنَيْهِ، وَيَدَيْهِ عَلَى يَدَيْهِ، وَتَمَدَّدَ عَلَيْهِ فَسَخُنَ جَسَدُ الْوَلَدِ. ثُمَّ عَادَ وَتَمَشَّى فِي الْبَيْتِ تَارَةً إِلَى هُنَا وَتَارَةً إِلَى هُنَاكَ، وَصَعِدَ وَتَمَدَّدَ عَلَيْهِ فَعَطَسَ الصَّبِيُّ سَبْعَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ فَتَحَ الصَّبِيُّ عَيْنَيْهِ.”

فكل تلك الاشياء التي فام بها أليشع والتي تخبرنا بها الفقرة السابقة، لم تكن اشياء من تفكيره. وإنما قد تم القيام بها بإعلان من الله. وهذه هي الحالة الواضحة من النتيجة: تم شفاء الطفل وأعاده أليشع إلى أمه:
ملوك الثانية 4: 36- 38
” فَدَعَا جِيحْزِي وَقَالَ: “اُدْعُ هذِهِ الشُّونَمِيَّةَ” فَدَعَاهَا. وَلَمَّا دَخَلَتْ إِلَيْهِ قَالَ: “احْمِلِي ابْنَكِ”. فَأَتَتْ وَسَقَطَتْ عَلَى رِجْلَيْهِ وَسَجَدَتْ إِلَى الأَرْضِ، ثُمَّ حَمَلَتِ ابْنَهَا وَخَرَجَتْ. وَرَجَعَ أَلِيشَعُ إِلَى الْجِلْجَالِ. ”

الله انقذ المرأة وأرجع الحقيقة التي كانت تبدو وكأنها من المستحيل إرجاعها وهي موت الطفل، موضحاً أنه من الممكن أن يذهب حقاً إلى أبعد ما يكون بقدر ما هو ضروري لإنقاذ هؤلاء الذين يبحثون عن قوته المنقذة.

3. النتيجة

في هذا المقال اختبرنا حالتين أظهرتا قوة الله المنقذة. وهذا يشجع القاريء على دراسة كلمة الله لنفسه ليجد المزيد من الأمثلة. وفي كلتا الحالتين التين قمنا بدراستهما، وعامة في كل الحالات التي يستطيع الإنسان أن يجدها بدراسته للكتاب المقدس، فهو نفس الدرس المُعطى: هؤلاء الذين يثقون في الرب ويبحثون عنه لن يخذلون أبداً مهما كانت المشكلة التي قد يواجهونها. فإلهنا هو إله الإنقاذ ولا حدود لقوته المنقذة. فإنه يستطيع الذهاب إلى ابعد ما يكون لدرجة ملء اوعية فارغة أو إقامة أطفال أمواتاً في سبيل إنقاذ شعبه. فهو حقاً “يستطيع أن يفعل أكثر بكثير جداً وبأوفر مما قد نطلب أو نفكر”. ونحن قد نثق إذاً في قوته المنقذه، في كل شيء قد نحتاجه، فإذا فعلنا هذا، شيء واحد فقط سيحدث: سيتم إنقاذنا.

هل تبحث عن  سلامه قلبك

الحواشي
1. فمن الارجح أنها كانت تعرف أليشع من خلال زوجها والذي كان أحد أبناء الأنبياء ورجلاً كان يوقر الرب
2. اليوم الروح القدس يكون معنا بولادتنا الجديدة، والتي بدورها تحدث عندما يعترف الإنسان بفمه بالرب يسوع ويؤمن من قلبه ان الله اقامه من الأموات (رومية 10: 9). وللمزيد عن هذا أنظر: الولادة الجديدة
3. للمزيد عن أهمية الصلاة انظر: رأي يسوع عن الصلاة

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي