كيف نقرأ علامات الأزمنة؟

كيف نقرأ علامات الأزمنة؟


يبحث كلٌّ منّا اليوم بهذه الظّروف المأساويّة التي يعيشها العالم عن علامات لفهم ما يحصل، وربّما ينتظر تنبّوءات من منجّمين أو علماء فلك وغيرهم بخوف وترقب وقلق، وينسى أنّ الرّبّ يسوع نبّهنا من هؤلاء، فهو إله محبّة ورجاء، وقد ترك لنا روحه القدّوس ليقوّينا وينير أفكارنا، فلماذا نقرأ علامات الأزمنة عند المنجّمين ونحن لدينا الكتاب المقدّس الذي يحتوي على كلّ الأجوبة؟ لماذا نخاف ونحن لدينا أب يحبّنا ويرعانا؟ أين إيماننا ورجاؤنا؟ إنطلاقًا من هنا ولوضعنا على طريق الرّبّ كان لموقعنا حديث روحيّ مع كاهن رعيّة كنيسة سيّدة الملائكة الأب طوني فريحه الكبّوشي.
إستهلّ الأب فريحة حديثه مشيرًا إلى أنّه “في هذا الأحد الثّالث من زمن الصّليب، ومع اقتراب نهاية السّنة اللّيتورجيّة، تُقدّم إلينا الكنيسة قراءات حول نهايات الأزمنة التي تكلّم عنها الرّبّ يسوع في إنجيل القدّيس متّى (24/ 23 – 31).”
ولأنّ هذا الموضوع ليس بجديد، أكّد لنا الأب الكبوشي قائلًا: “وقد كثرت الأقاويل والتّفسيرات لهذه النّصوص. فكانت في حقبة من تاريخ المسيحيّة، أيّ من القرون الوسطى إلى القرن العشرين، ويمكن القول أيضًا إلى يومنا هذا، مادّة دسمة لمن أراد أن يسيطر على بعض النّفوس الضّعيفة، بحيث جعل منها أداة تخويف وتهويل، بعيدًا عن حقيقتها المليئة بالرّجاء، والدّاعية إلى السّهر الدّائم والاستعداد للقيا الحبيب.”
وأضاف: “في إنجيل اليوم، وجّه متّى الإنجيليّ هذا النّصّ إلى جماعة مضطربة بسبب ما تعانيه من اضطهادات وصعوبات وتساؤلات حول نهايات الأزمنة والمجيء الثّاني. فجاء الجواب على لسان يسوع الّذي بدأ بدعوة المؤمنين إلى التّنبّه لخطر اتّباع أكاذيب المسحاء الدّجّالين، واستخدم لغة ليست بغريبة عن المجتمع اليهوديّ، وهي الصّور الرّؤيويّة، بخاصّة في سبيل التّشجيع على الصّبر والصّمود إبّان الشّدائد، والاستعداد الدّائم لتلك السّاعة.”
ولتصحيح المسار وفهم علامات الأزمنة شدّد الأب الكبّوشي قائلًا: “علينا التّنبّه لخطر تأوين هذه النّصوص لجعلها نبوءات تُعلن النّهاية. فالخسوف والكسوف والحروب والزّلازل والفيضانات كانت منذ بدء التّاريخ، ولا تزال حتّى اليوم. لذا، يجب الانتقال من سؤال: متى نهاية الأزمنة والأوقات؟ إلى سؤال: هل أنا مستعدّ لتلك السّاعة؟ فنحن، كمؤمنين، يجب ألّا نضطّرب أو أن نخاف من تلك السّاعة. فهي مُشتَهى قلوبنا وعيوننا: رؤية الحبيب الّذي انتظرته نفوسنا.”
وأردف: “فلنأخذ العبرة من القدّيس فرنسيس الّذي نحتفل اليوم بعيده: في أيّامه الأخيرة، وبعدما أسّس الرّهبنة – وقد تخطى عددها الخمسة آلاف أخ – وبعد كلّ ما صنعه من أعمال في الكنيسة، وبدلًا من الافتخار بما صنع، ناشد إخوته قائلًا: هلمّوا نبدأ… فحتّى اليوم، لم نفعل شيئًا.”
وإختتم الأب فريحه حديثه الرّوحيّ بالقول: “اليوم، إذا حصلت هذه الأمور كلّها، فلا تضطرب قلوبنا ولا تفزع، بل لنرفع رؤوسنا بفخر نحو الّذي ارتفع على الصّليب، ولنقل له هاتفين: هاءنذا يا ربّ… مستعدّ. آمين.”
هل تبحث عن  مزمور 54 - لأَنَّ غُرَبَاءَ قَدْ قَامُوا عَلَيَّ

مشاركة عبر التواصل الاجتماعي